سورة الحاقة - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحاقة)


        


{فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15) وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17)}
{وَقَعَتِ الواقعة} أي قامت القيامة، وقيل: صخرة بيت المقدس وهذا ضعيف {وَاهِيَةٌ} أي مسترخية ساقطة القوة، ومنه قولهم: دار واهية أي ضعيفة الجدران {والملك على أَرْجَآئِهَآ} الملك هنا اسم جنس والأرجاء الجوانب واحدها رجى مقصور، والضمير يعود على السماء، والمعنى إن الملائكة يكونون يوم القيامة على جوانب السماء، لأنها إذا وهيت وقفوا على أطرافها، وقيل: يعود على الأرض لأن المعنى يقتضيه، وإن لم يتقدم ذكرها، ورُوي في ذلك أن الله يأمر الملائكة فتقف صفوفاً على جوانب الأرض. والأول أظهر وأشهر {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} قال ابن عباس: هي ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم أحد عدّتهم. وقيل: ثمانية أملاك رؤوسهم تحت العرش وأرجلهم تحت الأرض السابعة، ويؤيد هذا ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: هم اليوم أربعة، فإذا كان يوم القيامة قوَّاهم الله بأربعة سواهم.


{يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24)}
{يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ} خطاب لجميع العالم، والعرض: البعث أو الحساب {خَافِيَةٌ} أي حال خافية من الأَمال والسرائر، ويحتمل المعنى لا يخفى من أجسادهم لأنهم يحشرون حفاة عراة {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} الكتاب هنا صحائف الأعمال {فَيَقُولُ هَآؤُمُ اقرؤا كِتَابيَهْ} هاؤم أسم فعل، قال ابن عطية: معناه تعالوا وقال الزمخشري: هو صوت يفهم منه معنى خذ، وكتابيه مفعول يطلبه هاؤم واقرؤوا من ضمير المعنى، تقديره هاؤم كتاب اقرؤا كتابي ثم حذف لدلالة الآخر عليه وعمل فيه العامل، الثاني: وهو اقرأوا عند البصريين، والعامل الأول هو هاؤم عند الكوفيين، والدليل على صحة قول البصريين أنه لو عمل الأول لقال اقرؤوه، والهاء على كتابيه للوقف، وكذلك في حسابية وماليه وسلطانية، وكان الأصل أن تسقط في الوصل لكنها ثبتت فيه مراعاة لخط المصحف وقد أسقطها في الوصف حمزة، ومعنى الآية: أن العبد الذي يعطى كتابه بيمينه يقول للناس: اقرأوا كتابيه على وجه الاستبشار والسرور بكتابه {إِنِّي ظَنَنتُ} الظن هنا بمعنى اليقين {رَّاضِيَةٍ} أي ذات رضا كقولهم: تامر لصاحب التمر. قال ابن عطية: ليست بياء اسم فاعل، وقال الزمخشري: يجوز أن يكون اسم فاعل نسب الفعل إليها مجازاً وهو لصاحبها حقيقة {قُطُوفُهَا} جمع قطف وهو ما يجتنى من الثمار ويقطف كالعنقود {دَانِيَةٌ} أي قريبة، وروي أن العبد يأخذها بفمه من شجرها، على أي حال كان من قيام أو جلوس أو اضطجاع {أَسْلَفْتُمْ} أي قدمتم من الأعمال الصالحة {فِي الأيام الخالية} أي الماضية يعني أيام الدنيا.


{وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29)}
{وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ} هم الكفار بدليل قوله: {إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بالله العظيم} [الحاقة: 33] فجعل علة إعطائهم كتبهم بشمالهم عدم إيمانهم، وأما المؤمنون فيعطون كتبهم بأيمانهم، لكن اختلف فيمن يدخل النار منهم، هل يعطى كتابه قبل دخول النار أو بعد خروجه منها؟ وهذا أرجح لقوله: {هَآؤُمُ اقرؤا كِتَابيَهْ} [الحاقة: 19]، لأن هذا كلام سرور فيبعد أن يقوله من يحمل إلى النار {فَيَقُولُ ياليتني لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ} أي يتمنى أنه لم يعط كتابه، وقال ابن عطية: يتمنى أن يكون معدوماً لا يجري عليه شيء والأول أظهر {ياليتها كَانَتِ القاضية} أي ليت الموتة الأولى كانت القاضية بحيث لا يكون بعدها بعث ولا إحياء {مَآ أغنى عَنِّي مَالِيَهْ} يحتمل أن يكون نفياً، أو استفهاماً يراد به النفي {هَّلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} أي زال عني ملكي وقدرتي وقيل: ذهبت عني حجتي.

1 | 2 | 3